
النساء في مراكز الإيواء.. لا فوط صحية ولا خصوصية!
علياء أحمد - باسكال صوما
تفتقر مراكز الإيواء لا سيما في حلب واللاذقية وحماة، التي لجأ إليها الهاربون من الدمار الذي سببه الزلزال الأخير، إلى أبسط المقومات، لا سيما في ظل البرد وصعوبة الحصول على تدفئة.
وكما في كل كارثة إنسانية، تتحمّل النساء معاناة إضافية لناحية صعوبة الحصول على حاجاتهم من فوط صحية وملابس داخلية.
هذا إضافة إلى الضغوط التي تشكلها حاجات الأطفال غير المتوفرة، بالنسبة إلى الأمهات بشكل أساسي، من حليب وحفاضات وأدوية وطعام.
ففيما تتهافت المساعدات الإغاثية التي تركز على الطعام وفي حالات أقل، الملابس الشتوية السميكة، تغيب احتياجات النساء من ملابس داخلية، وحتى فوط صحية (تستخدم عند الطمث أو الدورة الشهرية)، عن تلك المساعدات بشكل كامل تقريباً حتى الآن.
سهام (35 سنة) وهو اسم مستعار لناشطة نسوية، قالت إنها حاولت من خلال عملها على الأرض، أو حتى من خلال صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، التركيز على تضمين المساعدات احتياجات النساء، إلا أن دعواتها قوبلت باستهجان غريب على مبدأ "الأكل أهم وهلق مو وقته".
تقول سهام وهي تعمل في منظمة إنسانية وتتقاضى راتباً جيداً، إنها خصصت جزءاً من مالها لشراء محارم نسائية، وملابس داخلية نسائية، وقامت بتوزيعها على بعض النساء في مراكز الإيواء التي زارتها في حلب، إلا أنها تؤكد أن مبادرتها ليست كافية ويجب أن تمتد لتشمل مراكز الإيواء في المحافظات المنكوبة.
نيسان (21 سنة) وهي إحدى المستفيدات من المبادرة، تروي قصتها مع ليلة الزلزال التي تزامنت مع دورتها الشهرية، وهو ما سبب لها إحراجاً كبيراً، إذ لم تكن تملك مالاً ولم يكن الوصول إلى الحمام متاحاً، فحاولت البقاء في مكانها من دون حراك تتململ من وضعها.
تقترح سهام تخصيص مكان في كل مركز إيواء، لتأمين الاحتياجات الخاصة بالنساء من ملابس داخلية وفوط صحية، بحيث تستطيع من تحتاجها الوصول إليها دون عناء أو حرج.

غياب الخصوصية
تغيب الخصوصية بشكل شبه كامل عن مراكز الإيواء، خصوصاً في محافظتي اللاذقية وحلب، حيث المكان مختلط، بينما هناك فصل بين الرجال والنساء في حماة، وهو ما يتسبب بحرج كبير للنساء خصوصاً المحجبات، اللواتي لا يستطعن خلع حجابهنّ حتى ليلاً خلال النوم.
تقول حليمة (45 سنة) الموجودة في أحد مراكز الإيواء في مدينة حلب، إنها لم ترّ شعرها منذ ليلة الزلزال تقريباً، معربة عن شعورها بالضيق والحرج، والتعب.
حفاضات الأطفال شبه غائبة
إلى جانب الفوط الصحية للنساء، تغيب بدرجة أقل نسبياً حفاضات الأطفال، ما يحمل أهلهم عبئاً كبيراً جداً، يزداد ثقله لعدم توفر النقود لشراء تلك الاحتياجات الأساسية جداً.
منذ ليلة الزلزال الإثنين الفائت، وحتى ظهر يوم الأربعاء، لم تبدل لينا (34 سنة) حفاض طفلها البالغ من العمر سنة ونصف السنة تقريباً، لعدم وجود البديل، وخلال تلك المدة اضطرت لعرضه بشكل مستمر على الحمام، بمعدل مرة كل ساعة، كي تضمن بقاء الحفاض أطول وقت ممكن، برغم أن صلاحيتها انتهت تماماً إلا أنها لم تكن تمتلك البديل، حتى تجرأت وطلبت من أحد فرق الدعم المساعدة وكان لها ما أرادت.
تقول لينا: "كانت الصبية قد أحضرت لنا طعاماً، تقدمت منها وأخبرتها أني لا أريد طعاماً، إنما أريد حفاضات لطفلي، وقد استجابت سريعاً واشترت لي علبة وسلمتني إياها بعد أقل من ساعة".


مركز الايواء في مدينة حماة
مركز الايواء في مدينة حماة
تحدي الكهرباء والتدفئة
بحسب إحصاءات رسمية، بلغ عدد مراكز الإيواء في محافظات حلب وحماة واللاذقية، أكثر من 200 مركز، معظمها مدارس وجوامع وكنائس إضافة إلى ملاعب رياضية.
تعاني هذه المراكز من مشكلات عدة، أبرزها غياب التدفئة بشكل شبه كامل عن بعض المراكز، خصوصاً في المنشآت الرياضية، بينما يبدو الواقع أفضل قليلاً في المدارس حيث مدافئ ومخصصات من المازوت، تكفي لبضع ساعات في اليوم الواحد.
وفي شهادات لنحو 14 شخصاً من مراكز إيواء مختلفة في المحافظات الثلاث، فإن المشكلات الرئيسية فيها خدمية، لناحية صعوبة تأمين الدفء وغياب الكهرباء إضافة إلى قلة المياه في بعضها، بينما أكد كل من تواصلنا معهم في مراكز الإيواء في مدينة حماة، أن الوضع جيد لناحية الدفء والطعام.
5 أشخاص ممن التقيناهم، أكدوا حاجتهم للاستحمام، وقالوا إن هذه المعاناة تطاول كثيرين خصوصاً أولئك الذين خرجوا من منازلهم المنهارة بصعوبة، والغبار والأتربة تملأ رؤوسهم ويحتاجون على الأقل إلى تغيير ملابسهم الخارجية والداخلية، والمشكلة تكمن بأنه لا يوجد سقف زمني واضح ومحدد للحصول على حمام.
لا يمكن حصر ما يعاني منه النازحون في مراكز الإيواء، لا سيما أن لا أفق حتى الآن ولا يعرف أحد متى يستطيعون العودة إلى حياتهم أو منازلهم، أو ما تبقى منها. في المقابل تبدو المساعدات غير كافية وعاجزة عن تغطية الحاجة الكبيرة في بلاد دمّرتها الحرب، وأعاد الزلزال تدميرها من جديد.