"لا نعلم ماهو مصيرنا".. سوريون متخوفون من تحالف أوغان وأردوغان


نورالدين الإسماعيل

مخاوف السوريين من تصاعد عمليات التضييق على إقامتهم في تركيا، تزداد مع اقتراب الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة التركية، حيث لم يبقَ سوى بضعة أيام على موعدها، والتي سيخوضها المتنافسان، الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان والمرشح الثاني كمال كليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري في 28 أيار الجاري.

أعلن المرشح للرئاسة التركية رجب طيب أردوغان، قبل يومين، الاتفاق مع المرشح السابق لرئاسة الجمهورية التركية سنان أوغان، لينتهي الجدل الحاصل حول المرشح الذي سيحظى بأصوات ناخبي أوغان، دون معرفة الآلية التي يضمن بها أوغان تحويل تلك النسبة من الأصوات إلى المرشح الذي يتفق معه، وهل حقاً سيحصل عليها رجب طيب أردوغان؟

وكانت الجولة انتهت لصالح الرئيس أردوغان من نسبة الحسم بفارق ضئيل (49.51%)، بينما حصل منافسه كليجدار أوغلو على نسبة (44.88%). وذهبت باقي الأصوات إلى المتنافس الثالث سنان أوغان (5.17%)، ومحرم إينجه المنسحب من السباق (0.44%).

هذه المخاوف يعيشها نحو أكثر من ثلاثة ملايين وسبعمئة ألف سوري في تركيا، يحملون بطاقة الحماية المؤقتة، يتوزعون في مختلف الولايات.

لقاء مرشحي الرئاسة التركية رجب طيب أردوغان و سنان أوغان - 2023 - وكالة الأناضول

لقاء مرشحي الرئاسة التركية رجب طيب أردوغان و سنان أوغان - 2023 - وكالة الأناضول

لقاء مرشحي الرئاسة التركية رجب طيب أردوغان و سنان أوغان - 2023 - وكالة الأناضول

التحالف مع سنان أوغان

أولى المطالب لعقد اتفاق مع أي من المتنافسين التي وضعها المرشح الرئاسي السابق أوغان هي إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، ورغم البرنامج الانتخابي لـ كليجدار أوغلو القريب من أهداف أوغان فيما يخص موضوع اللاجئين السوريين لكن التحالف حصل مع أردوغان.

ويتفق كل من أردوغان وأوغان في تصريحاتهما على قضية إعادة اللاجئين السوريين، إلا أن الاختلاف كان حول آلية تلك العودة، وكيفية تطبيقها، والظروف التي ستتم فيها، حيث تحدث أردوغان في لقاء على شبكة CNN الأمريكية، قبل أيام، أنه لا يمكن إعادة جميع اللاجئين، فهناك بعض الشرائح التي تحتاجها تركيا، كالأطباء والمهندسين والمحامين.

إلا أنه وبعد الاتفاق الأخير الذي جرى بين أردوغان وأوغان بات السوريون في تركيا في موقف حرج، فإما فوز المعارضة التي تطلق وعوداً بإعادتهم إلى سوريا، أو فوز الرئيس أردوغان الذي تحالف مع تحالف "اتا" الذي كان من أولويات حملته الانتخابية التركيز على إعادة اللاجئين إلى بلادهم.

اللقاء الرباعي في موسكو - الجزيرة نت

اللقاء الرباعي في موسكو - الجزيرة نت

اللقاء الرباعي في موسكو - الجزيرة نت

علاقة جديدة في الانتظار بين الأسد و أردوغان

عملت أنقرة مع النظام السوري وموسكو بإنجاز محادثات أستانا التي غيرت من الخارطة العسكرية وتوزع القوى في شمال غربي سوريا تدريجياً خلال السنوات الماضية، ليعود الحراك السياسي الروسي ويجدد من محاولاته في التقريب بين أنقرة ودمشق بعد حربه مع أوكرانيا، ونجحت في إنجاز لقاء رباعي بين وزراء خارجية تركيا وإيران والنظام السوري وموسكو.

وزير الخارجية التركي في مقابلة على قناة "خبر تورك" قال إن الهدف الرئيس الذي تم بحثه في اجتماعات المسؤولين الأتراك مع النظام السوري في موسكو في شهر نيسان الفائت، كانت حول إعادة اللاجئين السوريين إلى عدة مناطق من سوريا ومن بينها المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري. 

رغم هذه التطورات المتسارعة برعاية روسية، إلا أن بشار الأسد في مقابلة متلفزة مع قناة "روسيا 1" وصف أردوغان في شهر آذار الماضي بأنه: "شخص إخواني ينتمي للإخوان المسلمين بشكل عميق ومعلن".

لا نعلم ماهو مصيرنا

"أمران أحلاهما مر، ونحن اليوم بتنا أمام خيارين يضمنان لنا سوداوية المشهد القادم بالنسبة لنا، هنا في تركيا، فلا نعلم ما هو مصيرنا، وكيف سيتعامل معنا المرشح الفائز في الانتخابات"، قال لـ"روزنة" علي الذي يقيم في إسطنبول منذ عام 2016.

وأضاف علي معبراً عن خوفه الشديد من الترحيل، "أنا هنا منذ سنوات، كونت عائلة وأعمل في معمل بلاستيك، أخشى من الترحيل، علماً أنني حاصل على إقامة ولديّ بطاقة كيمليك، إلا أنها لن تفيدني عندما يقررون ترحيلنا".

لم يختلف شعور علي عن شعور غالبية السوريين في تركيا، والذين باتوا يعيشون شبح الترحيل بشكل أكبر من السابق، ومنهم رائد، الذي يعمل في مزرعة للأبقار في أنطاكية، حيث قال: "أنا أعمل هنا منذ ثلاث سنوات، وأساعد أهلي الذين يعيشون في سوريا، إضافة إلى تأمين مستقبلي قبل الزواج، أخشى إن تم ترحيلي أن أمسي بلا عمل".

تقول أمل، اسم مستعار (34 عاماً) أم لطفلتين، مقيمة في مدينة غازي عنتاب: "تفكيري بنتائج الانتخابات التركية لا ينتهي مع اقتراب الجولة الثانية، اليوم كثرت التصريحات حول ترحيل السوريين ولا سيما من الأحزاب التركية المعارضة".

وتضيف "نتخوّف فيما لو فازت المعارضة في الانتخابات التي يمثّلها كليجدار، من إجراءات جديدة تضيّق علينا كلاجئين سوريين في تركيا، ما عدا فرصة تنفيذ المعارضة لوعودها في ترحيلنا، كذلك حزب التنمية والعدالة أيضاً يتحدث عن ترحيل السوريين لكن بشكل طوعي، أما المعارضة تتحدث عن ترحيلهم بشكل قسري وسريع، في الحالتين الوضع سيء".

وعبّرت أمل عن رغبتها بالسفر وعائلتها إلى بلد أوروبي بعيداً عن سوريا وتركيا وعن البلدان المجاورة من أجل الشعور بالاستقرار.

"يتم توفير الحماية المؤقتة من قبل الحكومة التركية للمواطنين السوريين، فضلا عن الأشخاص عديمي الجنسية واللاجئين من سوريا، الذين جاؤوا إلى تركيا بسبب الأحداث في سوريا بعد 28 أبريل 2011. المديرية العامة لإدارة الهجرة هي الهيئة الحكومية المسؤولة عن جميع إجراءات اللجوء في تركيا، بما في ذلك نظام الحماية المؤقتة".
الأمم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين

مخاوف الترحيل مشروعة

يقول المحامي طه الغازي لـ"روزنة" : "سنشهد في المستقبل تضييقاً واضحاً على وجود السوريين في تركيا، وسنشهد حملات ترحيل في المرحلة القادمة، ومخاوفهم في هذا الاتجاه مشروعة".

وأوضح الغازي أن تلك المخاوف نابعة من "أن الرئيس التركي وعد بإعادة مليون لاجئ، وهو المشروع الذي أطلقه في الشهر الخامس من العام الماضي، وما زال يذكره في كل تصريحاته ولقاءاته خلال الأسابيع الماضية، وهو ملزم أمام الشارع التركي في حال وصل إلى السلطة أن ينفذ ما وعد به ومنها إعادتهم إلى سوريا".

وتوقع أن يتعرض اللاجئون السوريون "لحملات ترحيل غير مسبوقة"، على مستوى بعض الولايات وذلك من أجل الالتزام بما قدمه حزب العدالة والتنمية للشارع التركي في قضية اللاجئين السوريين.

يشارك في هذه الانتخابات نحو 200 ألف و 950 سوري حاصلون على الجنسية التركية، بحسب بيانات "الإدارة العامة للهجرة" التركية ، و هناك سجلات لسوريين آخرين لازالت في مرحلة الانتظار، وبهذا الخصوص أشار المحامي طه الغازي إلى أن عمليات التجنيس "لن تتوقف"، ولكن قد تشهد بطئاً، "لأن قرار التجنيس هو بالنهاية قرار الدولة التركية وليس قراراً خاصاً بحزب حاكم".

إعادة اللاجئين قرار غير واضح

الكاتب والصحفي التركي مصطفى أوزجان كان له رأي آخر، حيث قال في حديث لـ"روزنة": "لا يمكن لأحد أن يتنبأ بمسألة إعادة اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم، وليس هناك وضوح في هذه القضية، ولا بد أن يكون هناك استقرار في سوريا حتى تتم إعادتهم، الذين هاجروا من سوريا ولجؤوا إلى تركيا خوفاً على أرواحهم من بطش النظام السوري".

وتابع حديثه بأنه "إذا لم يكن هناك تفاهمات أو تسوية سياسية بين المعارضة والسلطة الحاكمة في سوريا ستكون عودتهم صعبة، وأن تكون بضمانات من المجتمع الدولي والدول العربية، وهذا طبعاً يتطلب وقتاً إضافياً، لتحقيق ذلك التفاهم بين النظام السوري والمجتمع الدولي".

وعن مدى قانونية إعادة اللاجئين السوريين من تركيا، قال أوزجان: "أساساً تركيا لم تعتبر السوريين كلاجئين شرعيين، وليس هناك تعهد مسبق من تركيا لقبولهم كلاجئين، وأرى أن هناك فراغ قانوني في هذا المجال، وأنا لست مختصاً قانونياً، ولابد أن يكون هناك مختص قانوني للحديث عن هذه النقطة".

دور الأمم المتحدة

بينما يتعرض السوريون في بعض المناطق التي يقيمون فيها إلى بعض عمليات التمييز العنصري، والتي تسببت بحملات ترحيل بحقهم كما حدث في لبنان، لم تتخذ الأمم المتحدة أي دور حقيقي لحمايتهم.

ومن هذا المنطلق، أكد الغازي أن دور الأمم المتحدة غائب تماماً في حماية اللاجئين السوريين، معتبراً أنه لو كان لها دور "لرأينا دورها الفعلي بموضوع اللاجئين السوريين في لبنان".

وذكّر بأن دور المؤسسات التابعة للأمم المتحدة ينحصر اليوم في التذكير بمبدأ عدم الإعادة القسرية، والظروف غير ملائمة لإعادة اللاجئين السوريين، "فهي عاجزة تماماً وقد تكون شريكة أساساً في مشاريع بعض الحكومات، بما يتعلق بفرض بيئة قسرية على اللاجئين السوريين بإعادتهم إلى بلادهم".

وتعلن تركيا عن عودة طوعية طلبها سوريون إلى داخل سوريا بين الحين والآخر آخرها كان بعد زلزال شباط، وحسب وكالة الأناضول التركية : "بلغ عدد السوريين الذين عادوا إلى بلادهم حتى  الثالث و العشرين من الشهر الجاري نحو 554 ألفا و107 أشخاص، في نطاق الجهود التي تنفذها رئاسة إدارة الهجرة في إطار مبدأ "العودة الطوعية والأمنة والكريمة" في مكاتب العودة الطوعية التي فتحتها في 12 ولاية يقطنها السوريون بكثافة."

في الوقت الذي تتحدث فيه منظمات حقوقية وعلى رأسها منظمة هيومن راتيس ووتش عن إجبار بعض السوريين على العودة القسرية بتوقيعهم وبشكل مخالف على هذه الأوراق. 

العودة الطوعية

إذا كنت ترغب في العودة إلى سوريا طوعًا، فيمكنك الوصول إلى  مديرية المحافظة لإدارة الهجرة PDMM في محافظتك التي سجلت فيها. بعد أن تبلغهم برغبتك في العودة، سيتم إجراء مقابلة شخصية معك وسيُطلب منك التوقيع على نموذج طلب العودة الطوعية لتسجيل عودتك إلى سوريا. 

إذا كان أفراد عائلتك أيضًا على استعداد للعودة إلى سوريا معك، فيجب على أفراد أسرتك البالغين التواصل مع مديرية المحافظة لإدارة الهجرة PDMM أيضًا.

سوف تحصل على تصريح سفر لتمكينك من السفر إلى تركيا والخروج منها من نقطة تفتيش حدودية في غضون 15 يومًا. 

ستأخذ السلطات التركية بطاقة الهوية الخاصة بك على الحدود وستنتهي حالة الحماية المؤقتة عند عبورك إلى سوريا.

 إذا غيرت قرارك بالعودة إلى سوريا ، فعليك إبلاغ مديرية المحافظة لإدارة الهجرة PDMM في محافظة التسجيل.

يرجى العلم بأنه إذا قمت بالتوقيع على نموذج طلب العودة الطوعية وتوافق على العودة إلى سوريا، فسوف تنتهي حالة الحماية المؤقتة في تركيا. بناءً على ذلك، قد تواجه تحديات إذا كنت ترغب لاحقًا في العودة إلى تركيا.

قد تكون إعادة وضع الحماية المؤقتة في هذه الحالة ممكنة فقط إذا تم تقديم تقييم إيجابي من قبل السلطات الوطنية بعد المقابلة الشخصية معك.

يرجى تذكر أيضًا أنه يحق لك الحصول على مشورة بشأن العودة الطوعية أوعدم العودة.

يرجى التأكد من توضيح رغباتك للسلطات.

لمزيد من المعلومات أو لطلب المساعدة، يرجى الاتصال بخط المشورة للمفوضية على 4444868.

وحتى تنتهي تلك الانتخابات، يبقى مصير السوريين بتركيا مجهولاً، في ظل إغلاق الحدود الأوروبية أمام اللاجئين الغير شرعيين، مع عدم وجود أي تقدم في الحل السياسي الذي يضمن عودة آمنة وطوعية حقيقية لعدد كبير من المطلوبين للنظام السوري.