طوق النجاة في عنق محمد
جيهان الخلف
ميادة أرملة سورية هربت إلى مدينة أورفة التركية لتعيش هناك مع أبنائها، بعد أن قتل تنظيم داعش زوجها في سوريا عام 2015.
عملت لمدة أربع سنوات في جمع القطن مع ولديها محمد و مصطفى، لكنها مع الوقت أصيبت بالربو والحساسية في الصدر وديسك في الظهر، ولم تعد تستطيع القدرة على العمل كما الماضي، فكان على العائلة بحث الخيارات الجديدة للنجاة من الوضع المعيشي السيئ.
استدانت بعض الأموال من أقاربها وأضافته لما ادخترته من المال، حتى تمكنت من دفع مبلغاً وقدره (7000€)، لتتمكن من مساعدة ابنها محمد على السفر إلى أوروبا، ليكون طوق النجاة لعائلته من ضيق الحال والفقر.
"حين غادر محمد المنزل في رحلته المجهولة نحو بلاد اللجوء شعرت أن قطعة مني انتزعت، كما ينتزع مبضع الجراح جزءاً من الجسد".
الرحلة لم تكن سهلة، قبض على محمد من قبل خفر الحدود عدة مرات، لكنّ الأم لم تيأس وبقيت مصرة على سفره، وفي كل مرة يعود فيها ابنها الصغير تعود لترسله مع مهرب جديد، حتى استطاع الوصول إلى غابات أوروبا.
كانت ميادة تقضي ساعات الليل صاحية، دون أن يغمض لها جفن حتى يتصل صغيرها محمد ويطمئنها نهاراً أنه بخير.
الرحلة لم تكن سهلة على محمد، فلقد بقي أياماً دون طعام، فلا مجال لحمل أي زوادة، فالقاعدة الذهبية أن تكون خفيف الوزن قدر الامكان. النصيحة الوحيدة التي قدمها المهرب له لاسكات جوعه كانت أن يتناول العشب، وبالفعل حاول أن يلتهم بعض اللقيمات ولكنه سرعان ما تقيأها.
أمي أريد العودة" كلمات يرددها محمد في كل اتصال.
تقول ميادة :" أشعر وكأنها سكين في قلبي". في النمسا قبضت عليه الشرطة و صادروا مقتنياته وأخذوا المبلغ المالي الذي كان بحوزته.
لم يهدأ بال الأم، عادت وأرسلت له مبلغا و قدره 100 يورو حتى يتمكن من اكمال رحلته نحو ألمانيا، لكن الشخص الذي تسلم الحوالة سرق نصف المبلغ، وبذلك لم يعد لمحمد اي فرصة في اكمال الطريق نحو الرحلة المنشودة.
عمل في إحدى المطاعم بالعاصمة النمساوية فيينا، حتى يتمكن من سداد دين رحلة التهريب، لكنه وصل الآن إلى ألمانيا أخيراً.
"الشرطة والمهربون يسيئون معاملة القصر المهاجرين وغيرهم من البالغين أثناء سفرهم عبر طريق البلقان في أوروبا، و غالبيتهم إما كانوا شهوداً على تلك الأعمال أو عرضة اعتداء جنسي شخصي".
ندد التقريرمنظمة أنقذوا الأطفال بارتكاب هذه الانتهاكات، مؤكداً أن "هناك نقصاً حاداً في حماية الأطفال المهاجرين في جميع أنحاء أوروبا".
وبين التقرير بشكل واضح أنه قد يتم إجبار الأطفال المهاجرين على عمالة الأطفال، والضغط عليهم للزواج المبكر، والتعرض للتهريب الجسيم، والاتجار بالبشر، والمعرضين لخطر العنف والاستغلال. غالبًا ما يفقدون التعليم والرعاية الطبية المناسبة ولا يجدون سهولة في الشعور بأنهم في وطنهم في المجتمعات التي يصلون إليها.
كما جاء أيضاً في تقريرالمنظمة: "وفقا لروايات الأطفال أنفسهم، فقد أصبح العنف الآن جزءا لا يتجزأ، ولا مفر منه، من تجربتهم في الهجرة، ويعتقد واحد من بين كل ثلاثة أطفال الآن أنه يمكن لشخص ما أن يساعدهم في رحلتهم، بينما يعتقد البعض أنهم غير قادرين على مساعدة أنفسهم".
وأكدت أن الأطفال المهاجرين معرضون بشدة لخطر العنف الجنسي، لاسيما أولئك الذين يسافرون بمفردهم.
وأشار التقرير إلى وقوع القصر عرضة الاستغلال أثناء الرحلة، بما في ذلك تجنيدهم من قبل المهربين لارتكاب أفعال إجرامية أو جنسية، حيث سجل نحو ثلثي الأطفال الذين تمت مقابلتهم حادثة واحدة أو أكثر منها تعرضهم لاعتداء جنسي أو شهدوا عليه.