في 2 تشرين الثاني / نوفمبر 1917، صدر وعد بلفور الذي منح اسرائيل حق بناء الدولة، لكن.. القصة بدأت قبل ذلك..
الفرنسي نابليون بونابرت، ويعتبر أول من دعا إلى تأسيس دولة لليهود خلال حملته العسكرية على مدينة عكا الفلسطينة عام 1799.
البارون دي روتشيلد، موّل بأكثر من 14 مليون فرنك إنشاء 30 مستعمرة، أهمها "ريشون ليتسيون" والتي رفعت العلم الإسرائيلي الحالي عام 1885.
الكاتب النمساوي ناتان بيرنباوم، أطلق مصطلح "الحركة الصهيونية" (نسبة إلى جبل صهيون في فلسطين).
الطبيب ماكس نوردو، أرسل أول بعثة استكشافية إلى فلسطين، وتبنّى برنامج تأسيس وطن قومي معترف به للشعب اليهودي هناك.
تيودور هيرتزل أسس في كتابه لـ"الدولة اليهودية"، والذي يتحدث صراحة عن إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، التي وصفها بأنها "أرض بلا شعب".
أصل الحكاية؟
لمعرفة أصل الحكاية، علينا العودة إلى عام 1840 حينما كتب وزير الخارجية البريطاني لورد بالمرستن إلى سفيره في مدينة إسطنبول التركية، يدعوه لإقناع السلطان العثماني عبد الحميد وحاشيته، بأن الحكومة الإنكليزية ترى أن الوقت أصبح مناسباً لفتح فلسطين أمام هجرة اليهود، وذلك للرد على فكرة والي مصر محمد علي باشا وابنه ابراهيم باشا بتوحيد المجال الجغرافي والسياسي في مصر وسوريا في عام 1877.
بعد ذلك، بدأ بعض كبار رجال الأعمال في زيارة فلسطين في رحلات استكشافية للبحث حول امكانية إنشاء الدولة الاسرائيلية هناك.
إدموند روتشيلد (وهو أحد أكبر البارونات الأثرياء في بريطانيا) كان من أوائل اليهود المستجيبين للمبادرة البريطانية، وقد زار فلسطين 4 مرات للاطلاع على فرص الاستثمار فيها، وامكانية تحويلها لدولة اسرائيلية .
في تلك الفترة كان عدد المواطنون اليهود في فلسطين يقدر بنحو 3 آلاف شخص.
روتشيلد، موّل بأكثر من 14 مليون فرنك إنشاء 30 مستعمرة إسرائيلية، أهمها "ريشون ليتسيون"، وتقع غلى الغرب من مدينة اللد، ورفعت العلم الإسرائيلي الحالي عام 1885.
آنذاك واجهت حركة المنظمات اليهودية في الاستملاك معارضة من قبل الدولة العثمانية والتي كانت تسيطر على تلك المنطقة، فأصدر السلطان العثماني عبد الحميد الثاني قراراً بتحريم بيع الأراضي لليهود، والذي بقي ساري المفعول حتى عزله عام 1909.

كما صدر عن المؤتمر الأول لعلماء الدين في فلسطين، والذي عقد في القدس في 26 من شهر كانون الأول عام 1935 بالإجماع فتوى بيع الأراضي في فلسطين لليهود، لأن ذلك يمكنهم من تحقيق أهدافهم المتمثلة بتهويد فلسطين.
انطلاق الحركة الصهيونية
في عام 1885 ظهرت للعلن مصطلح عرف باسم "الحركة الصهيونية" (نسبة إلى جبل صهيون في فلسطين)، وذلك على يد الكاتب النمساوي ناتان بيرنباوم، هدفها توطين اليهود في فلسطين.
وفي عام 1896 نشر تيودور هيرتزل كتابه "الدولة اليهودية"، والذي يتحدث صراحة عن إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وصفاً إياها أنها "أرض بلا شعب"، في حين كان يفضل اليهود الأوروبيون الهجرة إلى أوروبا.
بعثة استكشافية
عقب إصدار هرتزل لكتابه، أرسل الطبيب ماكس نوردو(المساعد لهرتزل)، اثنين من كبار رجال الدين اليهود إلى فلسطين لمعاينة الواقع فيها، وبعد وصولهما واطلاعهما أرسلا له رسالة من سطر واحد.
"العروس جميلة جداً ومستوفية لجميع الشروط ولكنها متزوجة فعلاً".
وتنفي هذه العبارة عدم وجود شعب في فلسطين، كما ادعى هرتزل.
إثر ذلك، عقد المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897 في بازل السويسرية، برئاسة هيرتزل وبحضور نوردو، والذي تبنى برنامج تأسيس وطن قومي معترف به للشعب اليهودي في فلسطين.
صورة من المؤتمر الاول للحركة الصهيونية
صورة من المؤتمر الاول للحركة الصهيونية
بقيت محاولات الحركة الصهيونية في اقناع الدولة العثمانية مستمرة حتى المؤتمر الخامس عام 1900.
في عام 1901، أعلن الحاضرون تأسيس "الكيرن كييمت ليسرائيل" (الصندوق القومي اليهودي)، وهدفه تجنيد الأموال لشراء الأراضي في فلسطين، وتقرّر كذلك فتح فرع لـصندوق الائتمان اليهودي للاستعمار في مدينة يافا.
قبل أن ينهي هيرتزل فترته الرئاسية للمؤتمر نصح الحاضرين بقبول مقترح بريطانيا في بناء الدولة اليهودية في أوغندا بدلاً عن حدود مصر الشرقية.
لكن المقترح البريطاني رُفض بزعامة مناحم أوسيشكين رئيس اللجنة الروسية، ونضامن معه مجموعة كبيرة من الحاضرين الذين رفضوا القبول ببديل لاستيطان اليهود في فلسطين.
في ذلك الوقت كان عدد الحاضرين نحو 570 شخص، مثلو 1573 جمعية صهونية من العالم.
يمكن الضغط على الصورة لمعرفة تاريخ المؤتمرات




The Lictors Bring to Brutus the Bodies of His Sons - 1789
The Lictors Bring to Brutus the Bodies of His Sons - 1789

The Sisters Zénaïde and Charlotte Bonaparte - 1821
The Sisters Zénaïde and Charlotte Bonaparte - 1821

The Death of Socrates - 1787
The Death of Socrates - 1787
هدف بريطانيا يلتقي مع أهداف الصهيونية
لم يأت الدعم البريطاني لحلم الصهيونية من فراغ، بل وجدت بريطانيا في تأسيس وطن للصهاينة في فلسطين ما يمثل أطماعها التوسعية، إضافة إلى مواجهة أي محاولة للتوحد في المنطقة.
وفي 1907، قال رئيس الوزراء البريطاني كامبل بانرمان: "من المهم إقامة حاجز قوي وغريب على الجسر الذي يربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر". واعتبرت بريطانيا في ذلك الوقت أن إنشاء الدولة في هذه المنطقة على مقربة من قناة السويس سيكون مفيداً قوة معادية لأهل البلد وصديقة للدول الأوروبية.
إثر عزل السلطان العثماني عبد الحميد الثاني عام 1909، نشطت المنظمات الصهيونية مجدداً في محاولات إقناع الفلسطينيين ببيع أراضيهم، إلا أنها لم تحقق نجاحاً يذكر سوى مع بعض المُلّاك المغتربين.
حدد البرنامج أهداف الحركة الصهيونية على النحو التالي: "تسعى الصهيونية إلى تأمين وطن معترف به قانونًا للشعب اليهودي في فلسطين.
لتحقيق هذا الغرض، ينظر المؤتمر في الوسائل التالية:
1. الترويج لتوطين المزارعين اليهود والحرفيين والتجار في فلسطين.
2. اتحاد جميع اليهود في مجموعات محلية أو عامة، وفقًا لقوانين الدول المختلفة.
3. تقوية الشعور اليهودي والوعي اليهودي.
4. اتخاذ خطوات تحضيرية للحصول على تلك المنح الحكومية اللازمة لتحقيق الهدف الصهيوني.
لم تتضمن المسودة الأصلية كلمة «معترف بها علنًا»؛ كان هذا هو التعديل الوحيد الذي تم إجراؤه أثناء النقاش في المؤتمر.
تمت الموافقة على المشروع المعدل بالإجماع من قبل المؤتمر المؤلف من 200 شخص.

وعد بلفور
بعد بسنوات، وفي عام 1915 قدم الوزير البريطاني هربرت صموئيل مذكرة سرية للحكومة البريطانية، بعنوان "مستقبل فلسطين"، أكد فيها أن الوقت الحالي غير مناسب لإعلان دولة يهودية مستقلة، فيجب وضعها تحت السيطرة البريطانية.
وقدم صموئيل في مذكرته توصيات للحكومة البريطانية بضرورة إعطاء تسهيلات للمنظمات اليهودية لشراء الأراضي، وإقامة مستعمرات وتنظيم الهجرة.
الدور البريطاني في هذه المرحلة أصبح أوضح، حيث صدر وعد بلفور المعروف، عام 1917.
وعد بلفور، كان عبارة عن رسالة من وزير الخارجية البريطاني في ذلك الحين، آرثر جيمس بلفور لوالتر روتشيلد، وتتضمن وعداً من الحكومة البريطانية بتشكيل وطن قومي لليهود في فلسطين.

نسخة عن رسالة وعد بلفور
نسخة عن رسالة وعد بلفور
وبحسب النص الرسمي التاريخي للرسالة: "تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قوميّ للشعب اليهوديّ في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".
هزيمة الدولة العثمانية وفترة الانتداب البريطاني
عقب هزيمة الدولة العثمانية على يد الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، وبدء مرحلة الانتداب البريطاني على الأراضي الفلسطينية عام 1920، عينت بريطانيا أول حاكم بريطاني لفلسطين هو هربرت صموئيل، وذلك بعد 5 سنوات من تقديم توصياته للحكومة البريطانية.
أصدر صموئيل الكثير من القرارات التي تسهل سيطرة اليهود على الأراضي الفلسطينية، وفي مقدمتها إلغاء قرار السلطان العثماني بتحريم ومنع بيع الأراضي لليهود من خارج البلاد، وفق ما جاء في الوثائقي.
وهنا يبرز دور الشريف حسين في هذه المرحلة وتورطه في وعد بلفور مع المعتمد البريطاني في مصر هنري ماكماهون، وتكشف عنها مراسلات الحسين ماكماهون العشرة، ما بين 14 تموز/يوليو 1915 إلى 10 آذار/مارس 1916.

صورة عن مراسلات الشريف حسين والمعتمد البريطاني ماكماهون
صورة عن مراسلات الشريف حسين والمعتمد البريطاني ماكماهون
مدخل التواصلات كانت محاربة الدولة العثمانية، وامكانية تعاون الحسين في هذه المعركة مقابل امتداد ولايته من مكة إلى بلاد الشام بما فيها سوريا والعراق، لكن خلافات نشبت فيما بعد، بعد اعلان اتفاق "سايكس بيكو"، ورفض البريطانيين استثناء دمشق وحمص وحماة وحلب لرغبتهم في منحها للاستعمار الفرنسي.
توسع شراء الأراضي الفلسطينية
رئيس الوكالة اليهودية "ديفيد بن غوريون"، والذي أصبح لاحقاً أول رئيس للوزراء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، سخر من عمليات شراء الأراضي، معتبراً أنها لا تفيد في إقامة الدولة الإسرائيلية، ومقترحاً السيطرة بالقوة العسكرية على أراضي الفلسطينيين.
بعد الحرب العالمية الأولى، تحولت أملاك الدولة في فلسطين، أو ما يعرف بالأملاك الأميرية مباشرة إلى حكومة الانتداب البريطاني، والتي قدمتها لصالح المنظمات الصهيونية لبناء المستوطنات عليها، وتسهيل هجرة اليهود من أوروبا الشرقية.
كما ساهم بيع بعض الملاك الفلسطينيين المغتربين في توسيع دائرة السيطرة على تلك الأراضي، وأهمها الصفقة التاريخية التي تعرف باسم "صفقة سرسق". حال قرار الدولة العثمانية دون شراء مرج "ابن عامر" من عائلة سرسق المغتربة، والتي تمتد مساحتها لتشمل عدة قرى فلسطينية، يعمل فيها فلاحون عرب وفق ما يعرف بـ"حق الانتفاع".
وبعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، تمكنت المنظمات الصهيونية من إتمام صفقة شراء مرج "ابن عامر" الفلسطيني، عام 1918، وفق وثائق تاريخية فلسطينية.
وفي عام 1926، سنت سلطات الانتداب ما عرف بقرار نزع الملكية، إضافة إلى سن قانون جديد عرف باسم "قانون المنفعة العامة"، والذي يقضي باستملاك ما قيمته 2% مما يملكه الشخص، وفق المؤرخ الفلسطيني جوني منصور خلال حديثه في وثائقي "تلفزيون العربي".
لجأ الصهاينة إلى حكومة الانتداب لمساعدتهم في السيطرة على الأراضي التي اشترتها المنظمات الصهيونية، والأراضي المندرجة ضمن "حق الانتفاع"، وطرد الفلاحين منها، ما دفع مفتي القدس أمين الحسيني لإصدار فتوى شرعية بتحريم بيع الأراضي لليهود.

صورة تبين وصول المهاجرين اليهود عبر البحر إلى سواحل فلسطين
صورة تبين وصول المهاجرين اليهود عبر البحر إلى سواحل فلسطين
ووفق إحصائيات لتقارير اعلامية، كانت السمة المباشرة للبيوع قبل الحرب العالمية الأولى هي المبادرات الفردية ونتج عنها استملاك 400 ألف دونم وفي ظل الانتداب البريطاني، ووصلت المساحات المستملكة آنذاك إلى 575 ألف دونم.
وقبل إعلان الدولة اليهودية عام 1948، كانت المساحات مليون وسبع مئة وثلاثة وأربعين ألف دونم، وهو ما نسبته 6 % من الأراضي الفلسطينية، بينما منحهم قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة 60% من مساحة فلسطين، وخلال حرب 48 احتلوا 80 % من مساحة فلسطين التاريخية".
وتملك الصندوق حتى عام 2007 ما نسبته 13% من الأراضي الفلسطينية، أي نحو 2.6 مليون دونم، حسب صحيفة هارتس الاسرائيلية.
وتؤكد المعاهدات الدولية الموقعة قبل الانتداب البريطاني للأراضي الفلسطينية بطلان ممارسات سلطة الانتداب في تغيير الواقع الديمغرافي في الأراضي المحتلة إبان فترة الاحتلال.
معاهدة سلام فرساي الموقعة في 28 حزيران 1919، والتي انسحب منها الشريف حسين، وضعت شروطاً للانتداب، حيث جاء في الجزء الأول من ميثاق عصبة الأمم، المادة 23 (ب)، يتعهد الموقعون (من ضمنهم بريطانيا) بتأمين معاملة عادلة للسكان الأصليين للأراضي الواقعة تحت سيطرتهم.
وفي معاهدة لاهاي للسلام الموقعة عام 1899 وتعديلاتها عام 1907، نصت المادة 43 على مطالبة قوة الاحتلال باحترام القوانين المعمول بها في الأراضي المحتلة، ما لم يُمنع ذلك بشكل مطلق.
كما نصت المعاهدة على المحافظة على الحالة الراهنة في المستعمرات، وتجنب إحداث تغيير جوهري في قوانين البلاد أو طريقة تطبيقها. انطلاق المقاومة العربية ممارسات سلطات الانتداب البريطانية، والتي دعمت مجموعات صهيونية مسلحة تعرف بـ"حراس المستعمرات"، أججت غضب الفلسطينيين، ودفعتهم للاحتجاج على تلك الممارسات.

جنود من عصابة الهاغانا
جنود من عصابة الهاغانا
انطلقت ثورة 1929 العربية والتي عرفت بثورة البراق، بعد مطالبات صهيونية بالسيطرة على مكان "الهيكل" عند حائط المبكى، المقدس لدى اليهود، مطالبين بإعادة بنائه، والتي واجهتها قوات الانتداب وعصابات صهيونية مدعومة منها (الهاغانا، والإيرغون، والشتاغ).
وفي عام 1933 تصاعدت تلك الاحتجاجات، وبدأ العمل المسلح من قبل مجموعات شعبية فلسطينية مقاومة، غير منظمة، حتى وصلت إلى ذروتها عام 1938.
كما جرّمت سلطات الانتداب جميع أشكال المقاومة، وسحبت السلاح من العرب، في الوقت الذي دعمت فيه العصابات الصهيونية بمختلف أنواع الأسلحة، كما فرضت على السكان المحليين سياسة التجويع والترهيب.

نقل مركز الثقل
بعد انطلاق الحرب العالمية الثانية، وظهور الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى، خرج اجتماع بالتيمور للحركة الصهيونية مطالباً بتأسيس فلسطين ككمونولث يهودي، عام 1942، برئاسة حاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية وديفيد بن غوريون رئيس الوكالة اليهودية بقرار، يقضي بنقل الثقل الصهيوني من بريطانيا إلى أمريكا.
إثر ذلك، في عام 1944 طالب الأمريكي ستيفن وايز إضافة إلى سياسيين آخرين في مؤتمر الصهيونية الذي أقيم في أطلنطا، بالإسراع إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين وطرد العرب منها.
وبدعم من الرئيس الأمريكي هاري ترومان (الرئيس الـ 33 للولايات المتحدة الأمريكية) وصل إلى الأراضي المحتلة أكثر من 100 ألف مهاجر يهودي من الولايات المتحدة الأمريكية.
صورة الرئيس الأمريكي هاري ترومان بمناسة تقلده الجائزة الذهبية من الماسونية
صورة الرئيس الأمريكي هاري ترومان بمناسة تقلده الجائزة الذهبية من الماسونية
لكن كان من اللافت ما كتبه الرئيس ترومان عن موقفه ورأيه من اليهود في مذكراته التي نشرت في مواقع اعلامية، والتي وصف ترومان فيها اليهود: "الأنانيين وأنهم يفتقرون للإحساس بالانسجام والقدرة على تقييم الشؤون الدولية ولا يهتمون بعدد القتلى من الشعوب الأخرى إذا كانوا يتلقون معاملة حسنة في الدول التي يعيشون فيها".
وكان ترومان قد كتب يومياته عام 1947 كأي مذكرات عادية لكنه خص صفحة يوم الحادي والعشرين من يوليو/ تموز من ذلك العام ليكتب مشاعره نحو اليهود.
وكتب محذرا من سطوتهم قائلا: "ما أن يتمتع اليهود بنفوذ سياسي أو مالي حتى يصبحوا أسوأ من هتلر وستالين في إساءة معاملة الآخرين".
الانقلاب على بريطانيا
أقر المؤتمر الصهيوني، عام 1945، برئاسة حاييم وايزمان بضرورة الإسراع في إخراج بريطانيا من فلسطين، وبدأت عملية تجهيز قوات "الهاغانا" و"الإيرغون" و"الشتاغ" بالسلاح والعتاد لتحقيق الهدف بدعم الصهيونية العالمية.
بدأت تلك العصابات بإنشاء معامل الأسلحة الخاصة بها، وتنفيذ ضربات ضد القوات البريطانية.
في الأثناء بدأت العصابات الصهيونية باستهداف الجيش البريطاني بعمليات عسكرية، وصلت إلى نحو 500 عملية ضد القوات البريطانية في فلسطين، وفق وثائق إنكليزية. تلك العمليات التي تسببت بمقتل مئات الجنود الإنكليز، دفعت رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل للقول: "تلك الجرائم هزت العالم وأثرت بشدة على أشخاص مثلي كانوا في الماضي أصدقاء دائمين لليهود ومهندسين دائمين لمستقبلهم".
تدريب لمسلحي الإيرغون
بعد عام 1940 كثفت عصابات "الإيرغون" بقيادة مناحيم بيغن، من عمليات استهداف القوات البريطانية عبر تفجيرات متلاحقة وخطف وقتل جنود بريطانيين، فأعلنت بريطانيا أن بيغن إرهابي ملاحق ومطلوب لها، إلا أنه أصبح لاحقاً رئيساً للوزراء في إسرائيل، كما حصل على جائزة نوبل للسلام!
ضربات العصابات الصهيونية أجبرت البريطانيين على إعلان نهاية الانتداب على فلسطين، وإعلان دولة إسرائيل، ولتبدأ تلك العصابات بارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين، بهدف تهجيرهم والسيطرة على أرضهم.
مع إعلان قيام الدولة الصهيونية وهزيمة العرب في حرب الاستنزاف والتي عرفت فيما بعد باسم "النكبة" في عام 1948. بدأت مرحلة جديدة من الصراع العربي الإسرائيلي، لم تكن أقل دموية ومأساوية من سابقاتها، حيث بدأت عمليات التهجير القسري والسيطرة بالقوة على الأراضي الفلسطينية، ليستمر الصراع نحو 75 عاماً دون أي حل يعيد الأرض لأصحابها.

مستوطنون اسرائيليون يطردون مزارعين فلسطينين من أرضهم
مستوطنون اسرائيليون يطردون مزارعين فلسطينين من أرضهم