
تطبيق النملة الذهبية يسرق جيوب لاجئين سوريين في الأردن
اعداد: اسلام الأحمد
تقتنص حرامية التجارة الالكترونية ما تبقى في جيوب لاجئين سوريين مقيمين في الأردن بينما يحاولون تعويض انخفاض قيمة مساعداتهم المالية المقدمة من مفوضية الأمم المتحدة.
أم حمزة، هي واحدة من آلاف العائلات المقيمة خارج المخيمات التي وصلت إليهم رسالة تخفيض المساعدات المالية من مفوضية اللاجئين السوريين في شهر أيلول من عام 2020.
للأسف، بسبب نقص الموارد المالية ، لا يستطيع برنامج الأغذية العالمي في الأردن الحفاظ على نفس قيمة المساعدة الغذائية لجميع اللاجئين المستفيدين خارج المخيمات كما كانت من قبل. نتيجة لذلك، ولضمان استمرار المساعدة للأسر الأكثر احتياجاً وتجنب إيقاف المساعدة عن الكثير من الأسر، سيقوم برنامج الأغذية العالمي بتخفيض قيمة المساعدة لجميع اللاجئين الذين يقيمون خارج المخيمات ابتداءاً من شهر (9) أيلول 2022.
تعيش أم حمزة في مدينة المفرق مع أولادها الثلاثة بعد وفاة زوجها. معظمهم لم يبلغوا سن الثامنة عشرة، وتعتمد بشكل كامل في معيشتها على ما تقدمه لها مفوضية الأمم المتحدة من مساعدات بما فيها أجرة المنزل الذي تقطنه نحو 150 دينار.
تقول :"سمعت من زوج أختي عن تطبيق يحمل اسم (النملة الذهبية) يمكنني من استثمار مبلغ من المال سيدر عليّ أرباحاً بعد فترة قصيرة، وبالفعل حملت التطبيق وتمت اضافتي عبر مجموعة عبر الانستغرام".
وتطبيق النملة الذهبية Golden Ant يعرف عن نفسه على أنه إحدى منصات الربح عبر الإنترنت المتوفرة لأجهزة Android.
خسرت أم حمزة مبلغ مالي قدرة 310 دنانير بعد شهر ونصف فقط من بداية استثمارها، ولم تتمكن من سحب أموالها التي أودعتها، بحجة أنه لا يمكنها سحب المبلغ خلال أيام الجمعة والسبت والأحد.
القائمون على عمل التطبيق حاولوا تهدئة الناس، وأن عدم قدرتهم على سحب الأموال مرتبط بقرصنة التطبيق، وأن المشكلة في طريقها للحل.
لم تكن أم حمزة الضحية الوحيدة من اللاجئين السوريين، هناك العديد من السوريين الذين وقعوا ضحيته أيضاً.
ماهي التغييرات التي حدثت على قيمة المساعدة؟
التغييرات التالية على قيمة المساعدة اعتباراً من شهر (9) أيلول 2022:
أُسَر اللاجئين المصنَّفين “الأكثر احتياجاً للمساعدة الغذائية” من خارج المخيمات، الذين يتلقون عادةً المساعدة الغذائية بقيمة 23 ديناراً للفرد/شهرياً ، سوف يتلقون 15 ديناراً للفرد/شهرياً ابتداءً من شهر (9) أيلول 2022.
أُسَر اللاجئين المصنَّفين “متوسطة الاحتياج للمساعدة الغذائية” من خارج المخيمات، وهم الذين يتلقون عادةً المساعدة الغذائية بقيمة 15 ديناراً للفرد/شهرياً، سوف يتلقون 10 دنانير للفرد/شهرياً ابتداءً من شهر (9) أيلول 2022.
ستستمر جميع الأُسَر من اللاجئين المسجلين داخل المخيمات بتلقي المساعدة الغذائية كما هي وقيمتها 23 ديناراً للفرد/شهرياً، شريطةَ استمرارية توفر التمويل لدى برنامج الأغذية العالمي.

أبو وليد ضحية أخرى
أبو وليد، لاجئ سوري، يعيش في العاصمة الأردنية عمان منذ عام 2012. كان من بين المشمولين بقرار مفوضية اللاجئين للأمم المتحدة، وبات لزاماً عليه البحث عن مصدر دخل.
يقيم مع زوجته و أطفاله الثلاثة معتمداً بشكل كامل على ما تقدمه المفوضية، فهو من ذوي الإعاقة، ويعاني من مرض في الأعصاب جعل حركته بطيئة.
فكلفة أجرة منزله تصل إلى 200 دينار، فيما تصل قيمة المساعدات المقدمة من المفوضية التي يحصل عليها إلى 130 دينار شهرياً، يضاف إليها قيمة الكوبونات التي تصل إلى 15 دينار للشخص الواحد.
يختار البرنامج الأُسَر الأكثر احتياجاً خارج المخيمات للحصول على المساعدت، استناداً إلى تطبيق المعايير التي يحددها البرنامج مثل: الجنس والعمر والتعليم لرب الأسرة ، عدد أفراد الأسرة ، وجود ذوي احتياجات خاصة في الأسرة، وعدد المُعالين.
نشر أبو وليد في إحدى صفحات الفيسبوك عن حاجته لفرصة عمل، تناسب وضعه الصحي.
بعد نحو يومين، وصلته رسالة من سيدة قالت أن اسمها هو (ريفا نيزات) وتعيش في باريس. أخبرته أنها شاهدت طلبه للعمل في صفحة الفيسبوك، وتريد أن تقدم له فرصة عمل من المنزل مقابل عمولة بسيطة.
استقطاب أبو وليد
في البداية، وحتى تتمكن الشركة من استقطابه، يقول:" أودعت ريفا في حسابه ضمن التطبيق مبلغ وقدره عشرين دينار وعلمتني كيف أديره".
بعد هذه العملية بدأ رصيده بالزيادة، لتطلب منه أن يودع مبلغاً إضافياً، فلقد ثبتت مصداقية التطبيق.
بقي أبو وليد متردداً: "رفضت زيادة المبلغ من حسابي، و لقد رفض كل من طلبت منهم الانضمام لهذا التطبيق، و أخبروني أنه للنصب والاحتيال".


استمر أبو وليد بادارة حسابه عبر التطبيق لمدة شهرين، قرر بعدها سحب المبلغ الموجود في رصيده والبالغ 38 دينار، لكنه لم يستطع، وبعدها تفاجأ أن التطبيق أوقف عن العمل.
اختفت (ريفا) وزملائها ولم يعد هناك أي إجابة على رسائله.
سرقة بحجة الاختراق؟
الشركة قالت أنها تعرضت للاختراق، وأرسلت رسالة لعملائها و حصلنا على نسخة منها :"تم اختراق نظام النمل الذهبي الذي يوفر تنبيهات الطوارئ. و تمكن المخترق من سحب 10 ملايين دولار أمريكي بشكل ضار من حسابات الشركة Golden Ant".
وأوضحت أن الموظفين الفنيين في الشركة يعملون على استعادة وإعادة بناء النظام المهاجم أو التالف وعلى ملاحقة المذنبين.
الشركة التي انطلقت في شهر أيار الماضي، تتخذ من المملكة المتحدة مركزاً لها و يديرها موظف واحد وهو المدير المعروف باسم غاري هانكينسون Gary Hankinson، و حسب تتبعنا تظهر النتائج أن الشركة عملت فقط حتى نهاية شهر تشرين الأول بالتزامن مع انتشار الأنباء عن عملية احتيال الكترونية بملايين الدينارات الأردنية حصلت في احدى منصات التجارة الالكترونية.
المدير غاري هانكينسون Gary Hankinson حسب المعلومات التي حصلنا عليها يبلغ من العمر نحو 62 عاماً ويحمل الجنسية البريطانية ويعيش في الصين.
وحسب موقع التاج الأردني، هناك المئات من المتضررين كانوا يحاولون تقديم شكاوى عبر النائب العام الأردني، كما نفت شركات مثل أمازون و eby علاقتها مع الشركة التي صدرت التطبيق.
أبو وليد لم يرد التقدم بأي شكوى، أما أم حمزة اعتبرت أن التقدم بشكوى لا فائدة منه فهي لاجئة وحقوقها غير مضمونة.
اللاجئون عينة نموذجية للاستقطاب
تطبيقات الربح السريع مصيدة ممتازة لشركات الاحتيال على الناس، والمبالغ التي يمكن أن يبدأ بها أي فرد لا يتجاوز عشرات الدولارات.
أخبرنا الخبير الاقتصادي حسام عايش أن هذه النوعية من التطبيقات غالبا ما تستهدف ضحاياها وهي تعرف خصائصها وإمكانياتها المادية، فهي تقدم نماذج ناجحة مقنعة.
يحذر العايش في حديثه عن مخاطرة العمل في هذه التطبيقات، ويقول:"البحث عن فرصة عمل أو دخل إضافي للاجئ فعلى اختلاف ظروفهم، لا يعطيهم المبرر لإنفاق كل مدخراتهم في طرق مجهولة، فالخسارة هنا تصبح مركبة وخطيرة".
لا يعرف الكثيرون ممن يعملون مسوقين لهذا النوع من التطبيقات أنهم شركاء في الاحتيال، فهم أدوات ترويج لهذه التطبيقات يقول العايش.
من يتحمل المسؤولية؟
يحمل عايش مفوضية الأمم المتحدة مسؤولية حماية اللاجئ وتوعيته تجاه هذا النوع من الأعمال، وكيفية التأكد من شرعية هذه الشركات.
حسب موقع "تداول" الأردني والذي تابع قضية النصب والاحتيال التي تعرض لها المتعاملون في تطبيق النملة الذهبية Golden Ant فلقد قامت الشركة التلاعب بالمشتركين عن طريق التسويق الشبكي وعن طريق بيع أوهام الناس بالأرباح.
حسب تتبعنا لآلية عمل التطبيق من خلال الشهود الذين قابلناهم، تتم هذه الطريقة بأن تجعل من شخص واحد في منطقة واحدة يربح مبلغ من المال عندما يتاجر مع الشركة.
بعد ذلك، يجلب آخرين للانضمام إلى العمل على طريقة التسويق الشبكي.
أزمة إنسانية بانتظار اللاجئين
المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في عمّان حذرت في نهاية شهر تشرين الأول الماضي من وضع اللاجئين في الأردن الذي قد يتحول إلى أزمة إنسانية في غضون أشهر، إذا لم يتوفر التمويل بشكل عاجل.
وقالت المفوضية أن ميزانيتها المخصصة للاردن ينقصها نحو 34 مليون دولار أمريكي لتنفيذ البرامج الصحية والنقدية الأساسية خلال ما تبقى من عام 2022، وحذرت أن المعاناة الإنسانية والتكلفة للمجتمع الدولي في حال لم يتوفر التمويل ستكون أكبر بكثير.
وتعتبر الأردن ثالث دولة حدودية تستضيف اللاجئين السوريين بعد تركيا ولبنان، ويصل عددهم نحو 670 ألف، وعيش نحو 80 بالمئة منهم وسط مجتمعات مضيفة أي خارج المخيمات.
وقد خفض الكثيرون من هؤلاء اللاجئين حصصهم الغذائية واضطروا إلى إخراج أطفالهم من المدارس وقاموا بدفعهم إلى سوق العمل لتأمين المال حسب تقارير الأمم المتحدة.
* أشرفت على انجاز المادة لجين حاج يوسف، وأُنجزت هذه المادة في إطار برنامج تدريب يضم صحافيات وصحافيين من سوريا من تنظيم “أوان” وبدعم من منظمة "دعم الإعلام الدولي International Media Support"