أطفال قصر في رحلة اللجوء.. مشروع عائلي للنجاة 

جيهان الخلف

عبدالله، محمد،حيدر، فادي، والقائمة طويلة لأطفال قصر تحدوا وحوش الغابات وركبوا البحر في رحلات الموت، ليأمنوا حياة كريمة لعائلاتهم بعد وصولهم لأوروبا، وقد دفعتهم أمهاتهم تحت وطأة ظروف الحياة القاسية إلى خوض دروب الهجرة الغير شرعية الخطرة، فالأبواب أغلقت بوجه كل الحلول.

الحرب المستمرة في سوريا فرضت واقعاً جديداً على المجتمع، والآثار الناجمة عنها لم تكن فقط بالانقسام السياسي داخل البلاد، وإنما شتت أفراد العائلات بسبب الهجرة واللجوء.

وهناك الكثير من العائلات السورية فقدت معيلها أثناء الحرب، وزاد التدهور الاقتصادي وتراجع دور المنظمات الاغاثية ـ إضافة إلى توقف العديد من الجهات المانحة عن تقديم الدعم للكثير من المنظمات الصحية.

كان المخرج لهذه العائلات، هو الموافقة على ارسال أبنائهم في رحلات المجهول، قاطعين البر والبحر للوصول إلى أوروبا، بما تحمله هذه الرحلات من مخاطر قد تكلفهم حياتهم. ذلك ان نصوص قوانين لم الشمل في ألمانيا ومعظم دول الاتحاد الأوروبي، تسمح لمعظم المهاجرين القصر الواصلين لأراضيها بدون ذوويهم (تحت سن الـ18) لمّ شمل عائلاتهم (الأم والأب). وهذه الإمكانية يبدو أنها تدفع الكثير من الأهل للتفكير بإرسال أولادهم إلى أوروبا بمفردهم.

البلاد غارقة في استعصاء سياسي، لا تنازلات من أي طرف، ولا حلول واضحة والجميع عالق في تفاصيل الدستور، بينما يعيش السوريون فاقة كبرى.

وخلال إعدادنا لهذا التقرير، قابلنا والدة فادي على هامش المقابلات التي كنا نجريها وهي تتكلم مع ابنها عبر الهاتف. تسأله أمه:"بردت شي يا قلبي ...جعتوا  شي ؟، تنهي المكالمة:"ارتاح يا حبيبي هلا بعدين نحكي المهم انك بخير وصلتوا والحمدلله  يا غالي".

وصل فادي إلى احدى الدول الأوربية بعد أن قضى شهر كاملا ً يتنقل من إيران إلى كردستان ومنها إلى اسطنبول.

ربما مع كل قصة مرت معك عزيزي القارئ لن تتمكن من فهم دوافع الأمهات اللواتي أرسلن أبنائهن في رحلات الهجرة التي تعتبر من أكثرها خطورة على الانسان البالغ.

لن يكون فادي آخر المهاجرين القُصر، يبدو أن القائمة طويلة ولم يتسع التقرير لكل الحالات التي رصدناها، فالحرب لم تتوقف في سورية، والأوضاع الاقتصادية تدهور، وأوروبا يعلو فيها صوت اليمين المتطرف وتراجع قوانين الهجرة، وبين كل هذا وذاك يبقى مصير هؤلاء العائلات مرهون بقرارات الدول الكبرى في تحديد مصيرهم .

وثقت الصحفية خلال عملها لانجاز هذه المادة 4 قصص لأمهات أرسلن أطفالهن عبر غابات أوروبا، ليشكلوا طوق النجاة لاخوتهم العالقين في سوريا أو تركيا.

* أُنجزت هذه المادة في إطار برنامج تدريب يضم صحافيات وصحافيين من سوريا من تنظيم “أوان” وبدعم من منظمة "دعم الإعلام الدولي International Media Support"