بعد أكثر من 6 أشهر: متضررو زلزال اللاذقية.. بلا سكن مؤقت رغم الوعود الحكومية 

رغم تحديد مواقع بنائه.. العجز عن تنفيذ البنى التحتية يؤخر مشروع السكن المؤقت لمتضرري زلزال اللاذقية.

             حبيب شحادة 

تختصر مشاهد الدمار والمباني المتهدمة في المناطق التي ضربها زلزال 6 شباط/فبراير الفائت في اللاذقية وجع المتضررين جراء تأخر حكومة النظام السوري في بناء المساكن المؤقتة أو صرف تعويض مالي لهم بعد أكثر من 6 أشهر على وقوع الكارثة.

السكن المؤقت.. حبر على ورق

رغم إعلان دولة الإمارات تجهيز 1000 وحدة سكنية مُسبقة الصنع على نفقتها الخاصة، إلا أن العمل لم يبدأ بعد نتيجة فشل الحكومة في تجهيز البنى التحتية في بعض المواقع، والخلافات على تأمين الأرض لأشهر عدة في مناطق أخرى (اسطامو) كما قال عدد من المتضررين لـ "روزنة"، وهذا ما جعلهم بلا سكن يواجهون ارتفاع أسعار إيجارات المنازل.  

وكانت محافظة اللاذقية حددت 7 مناطق لبناء وحدات سكنية مؤقتة بدعم إقليمي ودولي، (بدأ العمل في بعضها بنسب إنجاز ضئيلة) وهي منطقة الغراف الأولى 350 وحدة سكنية، والغراف الثانية 133 وحدة ضمن مدينة اللاذقية وفي جبلة 123 وحدة، والنقعه 48 وحدة، والفيض 56 وحدة، واسطامو 85 وحدة ومنطقة دمسرخو 205 وحدة. 

ورغم تقديم حكومات عربية ودولية ومنظمات أهلية عربية وأجنبية منازل مؤقتة مسبقة الصنع للعائلات المتضررة من الزلزال، لكنها لم تُسلم حتى اليوم. ولا أحد يعلم أين ذهبت بعد تسليمها للهلال الأحمر العربي السوري، كما قال مصدر من محافظة اللاذقية مطلع على عمل اللجان المتعلقة بمتضرري الزلزال لـ "روزنة".

وأضاف المصدر، أن حكومة النظام استلمت من الصين 228 وحدة سكنية، ضمن 57 حاوية، سُلمت إلى فرع الهلال الأحمر العربي السوري في اللاذقية، دون وجود آلية أو معايير واضحة لتسليم تلك الوحدات إلى المتضررين. مشيراً إلى أنَّ ما يؤخر تسليم تلك الوحدات الجاهزة هو عدم إنجاز حكومة النظام للبنى التحتية في المواقع المحددة (الشوارع المؤقتة والأرصفة والإنارة العامة والنقاط الطبية وشبكات مياه وكهرباء وصرف صحي).

عدا عن ذلك، اعترض الأهالي على أن تكون تلك المساكن المسبقة الصنع بديلاً عن المنازل الدائمة، وفقاً لعدد من المتضررين التقتهم "روزنة". إذ تتألف تلك الوحدات السكنية من غرفة ومنتفعاتها، مساحتها تتراوح بين 40–50 متراً مربعاً أو حتى 36 متر مربع. 

الصندوق الوطني.. تدخل غير مجدٍ

تعكس روايات متضرري زلزال اللاذقية مدى انكسارهم وسوء وضعهم المعيشي بعد خسارة بعضهم لمنزله أو محله أو سيارته، عدا عن الحسرة التي تعتري من خسر ذويه. 

وفي السياق يقول هيثم عيسى، 56 عاماً، وهو متضرر من سكان حي الرمل الجنوبي لــ "روزنة" "لم نأخذ لا تعويض ولا سكن مؤقت وحالنا اليوم نسكن في منازل مستأجرة بعد تهدم منازلنا وتشردنا". ويضيف، لقد مللنا من تأخر محافظة اللاذقية في تنفيذ وعودها بتسليمنا السكن المؤقت الذي يحتاج إلى أكثر من عام لينفذ حسب تصريحات مسؤولي اللاذقية. 

ويسكن عيسى وعائلته في منزل مستأجر (350 ألف ليرة شهرياً) بعد تهدم منزله وفقدان قدرته على إعادة بنائه رغم تكفل الصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال بتقديم 160 مليون ليرة لمن يباشر خلال عام 2023 بإعادة بناء منزله المتهدم الواقع ضمن المخططات التنظيمية.

ويصرف المبلغ المذكور على دفعتين، الأولى عند الترخيص والدفعة الثانية عند إبراز عقد المقاولة لإعادة البناء لمن تهدمت منازلهم جراء الزلزال. 

وإزاء ذلك، يعتبر عيسى أن هذا التدخل من الصندوق غير مجدٍ في ظل تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار، عدا عن انعدام قدرته على سداد هذا المبلغ بعد 10 سنوات كما نص المرسوم التشريعي رقم 3 لعام 2023، الخاص بمنح التسهيلات المالية والمصرفية للمتضررين. 

أما، أمجد درويش، 61 عاماً، وهو من متضرر آخر من سكان قرية قمين التابعة لناحية الفاخورة، فـيستنكر مماطلة المسؤولين في مساعدة المتضررين وعدم توفير سكن بديل لهم في ظل ارتفاع إيجار المنازل في اللاذقية، ويستطرد قائلاً "صار الواحد يفرح إذا اسمو نازل متضرر من الزلزال". 

وكان درويش قد تحمَّل السكن لدى أقاربه لمدة ثلاثة أشهر على أمل حصوله على سكن مؤقت في أقرب وقت، لكنه اضطر فيما بعد لاستئجار منزل بـ 200 ألف ليرة شهرياً، "رح يخلص العمر بلا عمار"، قال دوريش متهكماً على حاله وغيره من منكوبي الزلزال الذين خسروا كل شيء دون قدرتهم على ترميم وإصلاح منازلهم.  

 لا تقتصر هذه المعاناة على درويش وعيسى وحدهما، إذ أن غالبية متضرري اللاذقية من زلزال 6 شباط/فبراير والبالغ عددهم أكثر من 120 ألف متضرر، يعانون من ارتفاع إيجار المنازل وعدم حصولهم على تعويض، عدا عن انعدام قدرتهم على ترميم أو صيانة منازلهم المتصدعة أو حتى التي تحتاج إلى ترميم بسيط جراء غلاء وارتفاع أسعار مواد البناء. 

قوائم المتضررين تصدر بالقطارة

في 15 أيار/مايو الفائت، صدرت عن محافظة اللاذقية القائمة الأولى بأسماء المتضررين في بعض العقارات التي تهدمت كلياً أو جزئيا جراء الزلزال، أو التي أقرت لجان السلامة العامة أنها متصدعة وبحاجة إلى هدم أو تدعيم.

وتضمنت القائمة الأولى 537 اسما من المتضررين توزعت بين مدينتي اللاذقية 296 وجبلة 241 شملت الأبنية المرخصة وفيها قرارات إفراز، أو في السجل المؤقت، و 138 اسماً من المتضررين في القائمة الثانية، وفي القائمة الثالثة 704 اسماً بينما ينتظر باقي المتضررين قوائم أسمائهم. 

منح الزلزال لا تزال اسمية

 اعتبر المدير التنفيذي لمنصة اقتصادي يونس الكريم أن منح الزلزال المالية التي أُعلن عنها ما تزال اسمية ولم يحصل النظام على الأموال بعد، إذ تعهدت الدول بتقديم الدعم المادي، ما يعني عجز النظام عن تعويض المتضررين في الوقت الحالي. 

وأضاف الكريم في حديثه لـ "روزنة"، أنَّ حجم الأموال هي مقاسمةً مع مناطق غرب الفرات التي استحوذت على جزء كبير منها. مشيراً إلى أن رفع العقوبات المؤقتة شمل المناطق التي أصيبت بالزلزال والمجتمع المدني فقط، وأن مواد إعادة البناء والإعمار تخضع لقانون سيزر ما يرفع أسعارها، ويدفع الشركات الإنشائية إلى التخوف من تبعات القانون ما يمنعها من المشاركة في إعادة البناء. 

عدا عن ذلك، كشف تقييم الأمم المتحدة لاحتياجات تعافي سورية من الزلزال في أيار/مايو 2023 أن إجمالي الأضرار والخسائر وصل إلى قرابة 9 مليارات دولار، وأن هناك حاجة لحوالي 15 مليار دولار للتعافي في المناطق المتضررة.