إسرائيل تعيد احتلال القنيطرة ببطء.. والأهالي متخوفون من الاقتحام

في خطوة غير مسبوقة، نفذ الاحتلال الإسرائيلي عمليات هدم منازل على أطراف قرية الحميدية من الجهة الشمالية القريبة من النقطة التي اتخذها الاحتلال قاعدة لهم، وسط معلومات تفيد بأن قواته ستهدم "أي شيء قريب من القاعدة"، حسب آخر التطورات في مدينة القنيطرة ليل أمس الاثنين.

واستهدفت عملية الهدم الليلية عدداً من المنازل المتواجدة قرب القاعدة الإسرائيلية في الجهة الشمالية من قرية الحميدية. 

وكالة سانا أكدت مقتل مدني واعتقال آخرين خلال اقتحام الاحتلال الإسرائيلي لبلدة بيت جن بريف دمشق، قبل خمسة أيام.

هدم قوات الاحتلال الإسرائيلي لمنازل في الحميدية بالقنيطرة - مواقع التواصل

وتقع بلدة الحميدية داخل المنطقة منزوعة السلاح وفق اتفاق فك الاشتباك 1974 بالقرب من الخط الغربي عند الجولان المحتل المعروف باسم "ألفا"، في انتهاك جديد لقوات الاحتلال منذ سقوط النظام السابق بخرق الاتفاقية وتوغلها المستمر وتحرك قواتها داخل المنطقة وإقامة قاعدة عسكرية فيها.

وبعد عشرة أيام من سقوط النظام في كانون الأول 2024، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن بعثة الأوندوف كانت تقوم "بنحو 55 إلى 60 مهمة عملياتية وأنشطة لوجستية يومية، وهي مقيدة حاليا بثلاث إلى خمس تحركات لوجستية أساسية يوميا، مما يؤثر بشكل كبير على عملياتها".

وأفادت الأوندوف حينها حسب موقع الأمم المتحدة، بأن "الجيش الإسرائيلي دخل منطقة الفصل، وانتشر في مواقع رئيسية، بما في ذلك في جبل الشيخ وما لا يقل عن تسعة مواقع أخرى داخل منطقة الفصل، وموقع واحد شرق الخط برافو يُعرف باسم تلة الدبابات". 

أيضاً، لاحظت البعثة حينها "تحركات للجيش الإسرائيلي وعمليات بناء في أربعة مواقع في منطقة جبل الشيخ، ورفع أعلام إسرائيلية في ثلاثة مواقع داخل منطقة الفصل - والتي تمت إزالتها بعد احتجاج مسؤولي الأوندوف، وفقا للمتحدث باسم الأمم المتحدة".

وقال دوجاريك إن وجود القوات الإسرائيلية في منطقة الفصل يشكل انتهاكا لاتفاق فض الاشتباك. وأضاف: "هناك اتفاق، ويجب احترامه. الاحتلال هو الاحتلال. سواء استمر أسبوعا أو شهرا أو عاما، فإنه يظل احتلالا".

هدم المنازل منذ أمس حتى صباح اليوم، ربما هو الأبرز الحاصل، والموثق هذه المرة، ولكن جيش الاحتلال الاسرائيلي قبل ذلك جرف أيضاً محمية جباتا الخشب الطبيعية، وتوغل بشكل غير مسبوق الأسبوع الماضي للمرة الأولى في الحدود الإدارية لمحافظة ريف دمشق، وسط صمت رسمي حكومي سوري مستمر.

تقع المحمية على السفح الجنوبي لمرتفعات جبل الشيخ في الجهة الشمالية للمحافظة، وتبلغ مساحتها 133هكتاراً ويبلغ ارتفاع المحمية نحو 1100م عن سطح البحر، كما تعتبر النباتات المنتشرة في المحمية طبيعية و تتميز بتنوع نباتاتها من الأشجار و الشجيرات والجنبات و الأعشاب و النباتات الطبية و العطرية.

يصل عدد الأنواع النباتية إلى مئة نوع تقريباً وعدد من الأنواع النباتية المهددة بالانقراض و النادرة مثل البطم الفلسطيني، ومعظم أراضي المحمية هي أراض حراجية يشغلها الغطاء النباتي الحراجي، لافتاً إلى تعرض غابات جباتا الخشب و طرنجة إلى عمليات قطع جائر كبيرة هدفها الأول الاتجار نظراً لارتفاع أسعار الحطب.

المشاهد من قرية قرية طرنجة الريف الشمالي للقنبطرة

المشاهد من قرية قرية طرنجة الريف الشمالي للقنبطرة

انتهاكات متكررة.. ترهيب ومداهمات وسرقة

تقول نسرين (بصوت ممزوج بالدموع) لروزنة: "نحن نعيش  قهر فوق قهر، قبل عدة أيام احتجزوا 5 من ابناء عمومتي، وقبل شهر داهموا  بيت خالتي في الساعة الحادية عشرة ليلاً، وطلب منها جندي اسرائيلي بحجة التفتيش على السلاح، لم يكتفوا بالترهيب وإنما ايضاً سرقوا الذهب والمقتنيات والأموال".

في قرية الحميدية أنشأوا خمس نقاط عسكرية، و ليعودوا ويعملوا على تجريف وتحسين المناطق التي كانوا فيها النظام سابقا 

وتتابع تتكررت حالات اعتقال المدنيين، قبل أيام احتجزوا طفل لنحو 3 ساعات بسبب رميه لطائرة من دون طيار (درون) بالحجارة.

في حادثة أخرى دخل مسعفون من الهلال الأحمر إلى قرية الحميدية لإسعاف رجل بسبب إصابته بأزمة قلبية.  في المرة الثانية وعندما حاولوا إعادة المريض للقرية تم اعتقالهم لمدة 4 ساعات، وقد طمشت أعينهم. 

حسب شهادات الأهالي الذين تواصلنا معهم، أخبرتهم قوات الأمم المتحدة (أندوف) لمراقبة فض الاشتباك، ألا يقتربوا من المناطق التي حددها جيش الاحتلال لأنهم سيكونون في مرمى النيران، وبدل ذلك ستعمل على تأمين مستوصف والخدمات اللازمة مقابل عدم الاقتراب من هذه المناطق.

أنشئت قوات حفظ السلام في الجولان "أندوف" بموجب اتفاقية وقعت بين سوريا وإسرائيل في 31 أيار عام 1974. وتتولى هذه القوات مهمة الفصل بين المواقع العسكرية السورية والإسرائيلية بخطين عرفا بـ"ألفا" و"برافو". كما تتابع عملية فض الاشتباك بين القوتين وتشرف على مناطق الفصل والحدود.

خوف من خسارة المنازل

التضييق المتواصل من جيش الاحتلال في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية وتردي الواقع المعيشي، انعكس أيضاً على حال الأهالي في المنطقة، تقول نسرين: "سبعة من أصدقاء ابني نقلوا دراستهم من الفرع العلمي للأدبي، لعدم قدرتهم على تحمل كلفة الدراسة". 

حسب المصادر الأهلية، لروزنة، يرفض السكان المغادرة ليلاً أو حتى في النهار خوفا من أن تقتحم وتتوغل قوات جيش الاحتلال فجأة وتصادر المنازل. 

ممارسات الترهيب لم تقتصر على المدنيين، وإنما وجهت لأحد الصحفيين المحليين الناشطين في المنطقة، حيث وجهت له تهديدات بالتصفية من قبل الجنود في حال نشر أي معلومات عن الموضوع.

وأدانت رابطة الصحفيين السوريين في بيان أول أمس الأحد، الانتهاكات الجسيمة والمتكررة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الصحفيين داخل الأراضي السورية، على خلفية تعرض صحفيين سوريين للملاحقة والاستجواب الميداني من قبل قوات إسرائيلية خلال توثيقهما سقوط مسيرات في القنيطرة.

وتأتي عملية هدم المنازل في الساعات الماضية بعد أيام من كشف موقع "أكسيوس" الأمريكي نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو  طلب من الولايات المتحدة لبدء مفاوضات مع الإدارة السورية الجديدة بوساطة أمريكية.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير لـ"أكسيوس" إن "هدف نتنياهو هو محاولة التوصل إلى مجموعة من الاتفاقيات، بدءا باتفاقية أمنية محدثة تستند إلى اتفاقية فك الارتباط بين القوات لعام 1974، مع بعض التعديلات، وانتهاء باتفاقية سلام بين البلدين".

ونقل الموقع عن المسؤول إن المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس باراك أبلغ الإسرائيليين إن رئيس سوريا في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع "منفتح على مناقشة اتفاقيات جديدة مع إسرائيل".

وسبق أن كشف "الشرع" قبل أسابيع من العاصمة الفرنسية باريس، عن إجراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء "لتهدئة الأوضاع ومحاولة امتصاص، لعدم وصول الأمر لحد يفقد السيطرة عليه كلا الطرفين"، واصفاً إن التدخلات الإسرائيلية العشوائية كثرت ودمشق ملتزمة باتفاق 1974.